التخطي إلى المحتوى

أثارت الرأي العام المصري منذ أكتوبر المنقضي وحتى الآن قضية ” شهيد الشهامة” الذي وقع فيها الطالب، محمود محمد البنا، صاحب ال ١٧ عاما، فريسة للطالب، محمد أشرف راجح، في عامه الجامعي الأول، والذي تم فيها مقتل الأول على يد الثاني ورفاقه بطعنتين في الرقبة وفي الظهر وما لبث أن غرق في دمائه وتوفى فور نقله إلى المستشفى، وفرَ الجناة كلاً منهما إلى مخبأه وما لبثوا وأُلقي القبض عليهم يوم وقوع الجريمة، والتي انتهت بمحاكمة المتهمين محاكمة أحداث والحكم عليهم ب ١٥ سنة سجن، وليس جنايات.. أي عدم إمكانية توقيع حكم الإعدام عليهم، وذلك بعد ثبوت عدم اجتيازهم سن ال١٨، وهو السن القانوني الذي يتم فيه تحويل المتهمين إلى محاكمة جنايات حال ارتكابهم جريمة، يجتمع فيها الرأي العام على أن الجناة هم ” راجح” ورفاقه وتناسوا جذور القضية التي تحولت إلى قضية رأي عام.
أرى من زاوية أخرى أن الجناة الحقيقيون في المقام الأول هم: الوحدات الاجتماعية الصغيرة والكبيرة، كالأسرة والمدرسة، والمنابر الإعلامية، كالتليفزيون وصفحات النخبة على مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك المؤسسات التشريعية والتنفيذية، والذين يمثلون دائرة تربوية متكاملة الأطراف، إذا انفرط طرف منها أحدث خللاً في النظام التربوي في المجتمع، فكلاً منهما يكمل الآخر ولا يستطيع أحداً منهما القيام بدور الآخر، فالأسرة وحدة اجتماعية تربي وتعلم قبل المدرسة، فهي تبني مبادىء وتغرس قيم، والمدرسة تنمي عقول وتبني ثقافة وتنشىء أجيال، كما أن المؤسسات التشريعية تقوم بدورها في هذه الدائرة التربوية من خلال إصدار قوانين وعقوبات تحد من الجريمة وترهب كل من يحاول الإقبال عليها.
إذا استشرت الجرائم وخصوصاً في سن الزهور يكون ذلك نتيجة لتقصير وإخفاق جهة أو عدة جهات من السابق ذكرها في دورها، لذلك لابد للمؤسسات التشريعية إعادة النظر في القوانين الخاصة بالجريمة، وأن لا تستثني المؤسسات التنفيذية أحداً من العقوبة، كما يجب على الأسرة ضرورة الوعي والتثقيف بثقافة التعامل مع الطفل وتنشئته تنشئة دينية وأخلاقية كي لا تستشري الجريمة والإنحراف الأخلاقي في المجتمع، وأيضاً على المؤسسات الإعلامية ضرورة تقديم إنتاج إعلامي هادف بعيداً عن العنف والتمرد، والالتزام بمعايير المجتمع الأخلاقية.
بقلم: عائشة وصال