التخطي إلى المحتوى

وفاء محمد

يعتبر العنف الأسري من أخطر المشاكل المدمرة لترابط الأسر في المجتمعات، وتتعدد مظاهر وأشكال العنف الأسري منها الاعتداء الجسدي والاعتداء الجنسي والاعتداء العاطفي، ويحدث العنف الأسري في أغلب الأحيان بسبب اعتقاد الطرف الجاني أنه لديه الحق في ذلك ولا يحق للقانون معاقبته لفعله هذا، وذلك يؤدي إلى مشاكل نفسية بالغة تنتقل للأطفال تصاحبهم طوال حياتهم، وينتج أيضًا جيلًا لا يعي خطورة العنف الأسري وتصبح أفعالهم بأكملها على هذا القبيل حيث اعتادوا.

أسباب العنف الأسري

تتعدد أسباب العنف الأسري وتختلف النظريات حول تفسير الأسباب كالنظريات النفسيّة التي تدرس السّمات الشخصيّة والخصائص العقليّة لمرتكب الجريمة، وأيضًا النظريات الاجتماعية التي تنظر في العوامل الخارجية لبيئة مرتكب الجريمة مثل كيان الأسرة، الضغط، والتعلّم الاجتماعي.

أسباب نفسية

قد يتعرض الجاني إلى مشاكل وضغوطات نفسية تجعله يفقد صوابه ويخرج هذا الشعور بالضغط والتوتر النفسي في حالة عنف تجاه واحدًا من أفراد أسرته، بالإضافة إلى بعض الأشخاص الذين يعانون من مشاكل واضطرابات نفسية طوال الوقت وليس مجرد مدة وتنتهي فيظهر هذا في حالة عنف تجاه أفراد الأسرة، وفي ذات السياق يعد واحدًا من أخطر العوامل النفسية التي تؤدي إلى العنف الأسري هو اكتساب تلك الصفة من الآباء والأجداد فمن ينشأ في ظل هذه الظروف يعتقد أن الأمر عاديًا وليس جريمة عظيمة يُعاقب عليها القانون.

أسباب اقتصادية

تعد المشكلات الاقتصادية التي تحدث في بعض الأسر من أعظم أسباب العنف الأسري حيث يشعر رب الأسرة بالعجز فهو لا يستطيع تلبية طلبات أسرته فيشعر بخيبة أمل مما يزيد من اضطراباته النفسية التي تؤدي في نهاية الأمر إلى الاعتداء على أفراد الأسرة بالضرب أو بأي شكل من أشكال العنف، وليست المشكلات الاقتصادية سببًا مقنعًا للجوء إلى العنف للتخلص من التوتر والاضطرابات النفسية ولكن يعود الأمر في أغلب الأحيان إلى التربية السليمة، ف الفقر وإن طالت مدته لا يعني السماح لرب المنزل بأحقية ارتكاب العنف تجاه أسرته.

أسباب تربوية

ترجع بعض أسباب العنف الأسري إلى سوء التربية وممارسة العنف تجاه الزوجة وتجاه الأطفال ف يُنشئ أطفال معتادة على هذا الأمر وتنظر إليه كأنه شيء طبيعي من المفترض حدوثه في جميع الأسر وتمارسه الأطفال في حياتها المستقبلية كشيء مباح لها.

وتتعدد وتختلف الأسباب التي تؤدي إلى العنف الأسري أيضًا منها دور وسائل الإعلام في نقل صورة سيئه عن التعامل الأسري كالأفلام المليئة بمشاهد العنف وإهانة الزوجة وتعنيف الأطفال مما يغرس داخل المُشاهد فضوله في تجربة مثل هذا الشعور فيكون في اعتقاده أنه بهذه الطريقة مُسيطر ويظهر قوته.

آثار العنف الأسري

تعتبر الأطفال أكثر فئة تتأثر بالعنف الأسري حيث تؤكد الدراسات والأبحاث أن الطفل الذي يتعرض للعنف يعاني في حياته التنموية والنفسية ويسبب له ذلك الكثير من الاضطرابات والمشكلات النفسية ويظهر هذا في سلوكه تجاه المجتمع وتجاه الأشخاص المحيطين به الذي يتعامل معهم وقد يؤدي العنف الأسري في بعض الأحيان إلى الوصول لمرحلة اكتئاب شديدة تختلف باختلاف الصدمة التي تعرض لها الطفل أثناء مشاهدته للاعتداء على أحد والديه.

وعلى الجانب الآخر يوجد آثار جسدية تحتاج إلى عناية طبية كالكدمات، كسور العظام، إصابات الرأس، تمزقات، ونزيف داخلي كما يوجد بعض الحالات الصحية المزمنة التي تم ربطها مع ضحايا العنف الأسري كالتهاب المفاصل، متلازمة القولون العصبي، الآلام المزمنة، آلام الحوض، القرحة، والصداع النصفي. ويزداد العنف المنزلي خطورة في حال إن كانت الضحية حامل فيسبب الإجهاض أو الوضع قبل موعده أو إصابة أو وفاة الجنين.

ويمكن أيضًا أن يظهر العنف الأسري بشكل لفظي حيث تعتبر الإساءة اللفظية نوع من أنواع العنف العاطفي وهذا يحدث باستخدام أو عدم استخدام الشتائم فالإهانة اللفظية قد تشمل أفعال عدوانية كالشتم واللوم والسخرية والازدراء والانتقاد، ولكن هناك أيضًا اشكال اقل وضوحًا للإساءة اللفظية، التعبيرات اللفظية التي تبدو سليمة وخالية من الإساءة ظاهريًا قد تحمل في طياتها محاولات للإهانة أو للاتهام ظلمًا أو للتلاعب بالآخرين للقيام بافعال غير مرغوبة أو لأشعارهم بأنه غير مرغوب بهم أو انهم غير محبوبين.

وتؤكد الدراسات أن النساء أكثر فئة متعرضة للعنف الأسري من قبل الرجال، وبعض المجتمعات لا تعي خطورة هذه الجريمة، ولكن على النقيض تهتم أغلب المجتمعات بمثل هذه القضايا وتخصص لها عقوبات شديدة.