التخطي إلى المحتوى

كتبت : سالى عبده
اليوم هو الثاني عشر من شهر ربيع الأول ذكرى مولد النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم، حيث تشرف الكون بمولد سيد الخلق والمرسلين في يوم الاثنين الموافق 12 ربيع الأول من عام الفيل، وهكذا يأتي شهر ربيع الأول حاملاً في طياته ذكرى جياشة لدى مسلمي العالم، ألا وهي ذكرى مولد سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم.
يُعتبر الاحتفال بالمولد النبويّ الشّريف من الأساليب الحضارية المُعبّرة عن محبة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم، كما يُعد من الطرق التي تدُّل على الاعتزاز بقيادة النبي، والالتزام بهديه، ويجب أن يخلوَ الاحتفال من أيّ أمور تتعارض مع الشّريعة الإسلامية السّمحاء، وإنما يُكتفى الاحتفال بذكر سيرة النبي وصفاته الكريمة، والدعوة إلى التمسك بالدين الإسلاميّ.

بُعث النبيّ محمد عليه الصلاة والسلام ليكون خاتم الأنبياء والمرسلين، وقد اصطفاه الله تعالى من بين البشر بعد أن كملت فيه الأخلاق حتى كان قدوةً وأسوةً للعالمين، وقد حرص عليه الصلاة والسلام أن يُبيّن للناس أنّه بعث ليتمّم مكارم الأخلاق ويحارب سيئات النفس وشرورها .

وقد كان عليه الصلاة والسلام بين أصحابه نموذجاً في التعامل الإنساني الراقي الذي يُمثّل الخصال الحسنة والفضائل الجميلة في أحلى صورها، وأجمل معانيها،لذلك أحبّ الصحابة النبي الكريم حباً كبيراً حتى افتدوه بأنفسهم وأهليهم.

كان الصحابة رضوان الله عليهم يحرصون على رؤية النبي والنظر في قسمات وجهه الشريف، والتأمّل في نور محيّاه، والاستئناس بتبسّمه، والاطمئنان لخطابه وكلماته التي تحمل في طيّاتها الرحمة، ويتفجّر منها العلم والحكمة كما يتفجّر الماء من ينابيعه.

من الصفات التي كانت ملازمةً للنبيّ عليه الصلاة والسلام أنه كان كثير التبسم لأصحابه رضوان الله عليهم، فقد روي عن الصحابي الجليل جرير أن النبي ما حجبه منذ أسلم ولا رآه إلا ابتسم في وجهه، كما وردت عبارة فتبّسم رسول الله كثيراً في الأحاديث النبوية الشريفة لتدل على ملازمة النبي الكريم لهذا الخلق الكريم وهو البشاشة وطلاقة الوجه .

فلماذا كان النبي الكريم كثير التبسم؟

لأن الابتسامة صدقة يؤجر عليها المسلم؛ فالنبيّ عليه الصلاة والسلام كان قدوةً للمسلمين، وتعامله العظيم مع أصحابه والناس هي سنته الشريفة التي تكمل أخلاق المرء وتجملها .

لذلك حرص النبي على أن يعلم أصحابه والمسلمين من بعدهم أنّ الابتسامة هي خلق كريم وشبّهها بالصدقة لما فيها من الأثر الرائع في قلب أخيه المسلم المحتاج إلى من يؤنس وحشته، ويزيل غربته، ويفرج همه بإبتسامة صادقة تنبع من القلب لتدل على المحبة في الله والأخوة في الدين . لأنّ الابتسامة هي من طلاقة الوجه، وهي من أنواع المعروف كذلك؛ ففي الحديث الشريف عن النبي عليه الصلاة والسلام قوله: (لا تحقرنّ من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق).

لأنّ النبي عليه الصلاة والسلام كان حريصاً على استمالة القلوب إلى هذا الدين العظيم وكان يحث على كل خلق كريم، لذلك كان كثير من الناس عندما يلتقي رسول الله عليه الصلاة والسلام يعلم أنه ليس بكاذب ولا مفتر بسماحة وجه، وتبسّمه الصادق النابع من قلبه الطاهر. لأنّ الابتسامة هي سنّة من سنن الأنبياء التي تدلّ على إيمانهم الراسخ وعقيدتهم الصافية النقية؛ فالابتسامة تعني صفاء السريرة وطيب النفس وعلوّها.