التخطي إلى المحتوى

كتبت:مروة عنبر
شغل منصب وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة، وشغل قبلها منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، ومن قبلها منصب رئيس رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة، تم تصنيفه ضمن أبرع 50 قائدا عسكريا في التاريخ، هو المشير محمد عبدالغنى الجمسى.
ولد بقرية البتانون مركز شبين الكوم محافظة المنوفية، يوم 9 سبتمبر 1921، لأسرة ريفية تتكون من سبعة أفراد وكان والده يعمل فى الأراضى الزراعية ، هو الوحيد من أبناء أسرته الذى تلقى حصل على تعليم نظامى بمدرسة المساعى المشكورة بشبين الكوم، والتحق بعدها بالكلية الحربية.
التحق ‘‘الجمسى‘‘وهو ابن 17 عاما مع عدد من أبناء الجيل الذي سبقه وطبقته الإجتماعية الذين اختارهم القدر لتغيير تاريخ مصر، بعد أن سعت حكومة مصطفى النحاس باشا الوفدية لإحتواء مشاعر الوطنية المتأججة التي اجتاحت الشعب المصري في هذه الفترة ففتحت الكلية الحربية لجميع الفئات والمستويات حيث كان منهم : جمال عبد الناصر، وعبد الحكيم عامر، وصلاح وجمال سالم، وخالد محيي الدين، وغيرهم من الضباط الأحراروتخرج منها عام 1939 في سلاح المدرعات.
عين كضابط في صحراء مصر الغربية، أثناء الحرب العالمية الثانية حيث كان من قلائل القادة الذين شاهدوا تلك الحرب، حيث دارت أمامه أعنف معارك المدرعات بين قوات ‘‘الحلفاء والمحور‘‘ وكانت تجربة مهمة ودرسا مفيدا استوعبه واختزنه لأكثر من ثلاثين عاما.
وتزوج ‘‘الجمسى‘‘ من رفيقته السيدة ‘‘وفاء عبد الغنى‘‘ والتي رحلت في 20-11-1979 بعد صراع طويل مع المرض.
واصل ‘‘الجمسى‘‘مسيرته العسكرية عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، فعمل ضابطا بالمخابرات الحربية، فمدرسا بمدرسة المخابرات، حيث تخصص في تدريس التاريخ العسكري لإسرائيل الذي كان يضم كل ما يتعلق بها عسكريا من التسليح إلى الإستراتيجية إلى المواجهة، وبعد ذلك تلقى عددا من الدورات التدريبية العسكرية في كثير من دول العالم، وحصل على جائزة كلية القادة والأركان عام 1951، وحصل على جائزة أكاديمية ناصر العسكرية العليا عام 1966.
وعقب هزيمة يونيو 1967 تقدم بإستقالته ليفسح للجيل الجديد الفرصة لإسترداد الأرض المحتلة ورفض الرئيس‘‘ جمال عبد الناصر‘‘ الإستقالة وأسند له مهام الإشراف على تدريب الجيش المصري مع عدد من القيادات المشهود لها بالإستقامة والخبرة العسكرية استعدادا للثأر من الهزيمة.
بالإضافة إلى أنه كان من أكثر قيادات الجيش دراية بالعدو فساعده ذلك على الصعود بقوة، فتولى رئاسة هيئة تدريب القوات المسلحة، ثم رئاسة هيئة عمليات القوات المسلحة، وهو الموقع الذي شغله عام 1972، ولم يتركه إلا أثناء الحرب لشغل منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة.
ترأس هيئة عمليات القوات المسلحة قبيل حرب أكتوبر 1973، وعاش وقتها ساعات عصيبة حتى تحقق الإنتصار، لكن أصعبها تلك التي تلت ما عرف بثغرة الدفرسوار التي نجحت القوات الصهيونية في اقتحامها، وأدت إلى خلاف بين الرئيس أنور السادات ورئيس أركانه وقتها الفريق سعد الدين الشاذلي الذي تمت إقالته على إثرها ليتولى الجمسي رئاسة الأركان، فأعد على الفور خطة لمحاصرة وتدمير الثغرة وأسماها ” شـامل” إلا أنها لم تنفذ نتيجة صدور وقف إطلاق النار.
عقب حرب أكتوبر اختاره الزعيم الراحل أنور السادات رائدا للمفاوضات مع الإسرائيليين بعد الحرب، ورُقي وقتها إلى رتبة الفريق أول مع توليه منصب وزير الحربية عام 1974 وقائد عام للجبهات العربية الثلاث عام 1975.
وكان من أشرس القادة الذين جلسوا مع الإسرائيليين على مائدة المفاوضات، ولا يمكن أن ننسى بحال خروجه على الجنرال “ياريف” رئيس الوفد الإسرائيلي دون إلقاء التحية أو المصافحة، وبكل تجاهل جلس مترئسا الوفد المصري مفاوضا، كان ذلك في يناير 1974 عندما أخبره كيسنجر بموافقة الرئيس أنور السادات على انسحاب أكثر من 1000 دبابةو70 ألف جندي مصري من الضفة الشرقية لقناة السويس، فرفض الجمسي وسارع بالإتصال بالرئيس أنور السادات الذي أكد موافقته وكان صدام القرار الاستراتيجي والعسكري.
واندلعت انتفاضة 18 و19 يناير 1977 قبل الجمسى نزول الجيش إلى الشارع بعد إصدار بيان يفيد تراجع الحكومة عما اتخذته من قرارات لكنه أكد على الضباط بعدم الإساءة إلى أية مواطن أو توجيه طلقة واحدة من سلاح الجيش ضده قائلاً : ” إننا مع رجل الشارع ونبضه ، وليس معنى إدانتنا لفئة من المخربين الذين حاولوا تدمير مرافق البلد أننا نتخلى عن تأييدنا للمواطن وحقوقه المشروعة ” . وقد وضع هذا التصريح مرارة فى قلب السادات الذى امتلأ قلبه بالكراهية لجماهير الشعب التى هتفت ضده وزحفت صوب استراحته فى أسوان وهو ما جعل رجال حراسته يقررون ضرورة عودته إلى القاهرة ، واضطروا إلى وضعه فى عربة أتوبيس ، افترش أرضها هو وأسرته ورجال حاشيته ، حتى تبدو السيارة فارغة لا تحمل غير سائقها ، وكان السادات يبكى بمرارة ، وهو جالس القرفصاء على أرض الأتوبيس حتى وصلوا به إلى المطار.
أقاله السادات يوم 5 أكتوبر 1978فى حركة ” ممسرحة ” ومنعه من أن يحضر الاحتفال بيوم النصر الذى أعد له شهور .
حصل على 24 نوطا وميدالية ووساما من مصر والدول العربية والأجنبية من بينها ‘‘وسام نجمة الشرف العسكرية‘‘، ‘‘وسام التحرير عام 1952‘‘، ‘‘ووسام ذكري قيام الجمهورية العربية المتحدة عام 1958‘‘.
وآخيرا ،رحل المشير ‘‘الجمسي‘‘ في صمت بعد معاناة مع المرض، وصعدت روحه إلى ربه في7 يونيو 2003 عن عمر يناهز 82 عاما،تاركا خلفة تاريخا حافلا من الإنجازات والبطولات التى تعد مرجعا للعديد من أبناء مهنته.