التخطي إلى المحتوى

 

تحقيق: خلود أحمد_ عائشة وصال

جزيرة فلسطينية على أرض مصرية، يحمل معظم قاطنيها الجنسية الفلسطينية، واللذين فروا هاربين من منطقة بئر السبع، بقيادة “نصير النامولي” شيخ القبيلة، تعيش وراء أسوارها أربعة أجيال، فالجيل الأول هو اللذى عاصر ومازال يتذكر سنة النكبة، حرب فلسطين 1948، عندما سمعو الطيران الإسرائيلى وهو يقصف الأراضى الفلسطينية، بينما الأجيال الثلاثة التالية تعتمد على قصص وروايات الأجداد للتعرف على فلسطين، فأتوا إلى مصر وهم 40 فردا، أما الأن فيتعدى سكانها القرية ألف نسمة.

“جزيرة فاضل” ليست جزيرة بالمعنى الحرفى ولا تحيطها المياة من كل جانب كما هو متعارف عليه، فهى كانت عبارة عن منطقة صحراوية تحيط بها الرمال من كافة الإتجاهات، وهي ملك لشخص مصري يدعي” محمد فاضل”، قام ببيع تلك الأراضى لهم نظير مقابل مادي بسيط وبالتقسيط على مراحل، ومن ثم أصبحت ملكا لهم، وأسموها” جزيرة فاضل”، تخليدا له، ونظرا لأن هناك قوانين تمنع أى شخص أجنبي من تملك قطعة أرض داخل الحدود المصرية، لجأ بعض الفلسطينيون إلى الزواج من مصريين للتمكن من شراء أراضى واستخدامها في المعيشة و الزراعة.

★ طبيعة عملهم
تعدالحرفة الأساسية التي يعمل بها سكان تلك القرية بجانب الزراعة هي جمع مخلفات القمامة و إعادة تصنيعها وتدويرها ، حيث قال أحد سكان القرية والذي يتبع قبيلة” النامولي” أنهم يقومون بتجميع مخلفات القمامة من أماكن عدة وجمعها في مكان محاط بأسوار داخل القرية، ومن ثم تدويرها أو إرسالها إلى مصانع تدوير القمامة إلى مراكز مختلفة من محافظة الشرقية، في حين عدم استطاعة الدولة المصرية توفير لهم الوظائف في القطاع العام، وذلك وفقا للقانون المصري اللذي يحرم أي شخص أجنبي من شغل وظيفة حكومية.

★ الأجيال الجديدة بين الجنسية المصرية والفلسطينية
فيما يتعلق بالجنسية، قال أحد أفراد قبيلة” النامولي” يدعى” فاضل النامولي”، أن هناك خلطة لسكان تلك القرية بالمصريين وبينهم علاقات نسب، ففي حالة زواج الفلسطيني من المصرية فإن الأولاد يحملون جنسية الأم وفقا للقانون المصري، أما إذا كان العكس فإن الأولاد يحملون الجنسية الفلسطينية، وفي حالة إذا كان الزوجان يحملان الجنسية الفلسطينية فبالضروري يحمل الأولاد الجنسية الفلسطينية .

★ الفصل في النزاعات
قال أحد سكان القرية، أنهم يلجأون في النزاعات والخلافات اللتي تحدث بينهم إلى شيخ القبيلة أو” العمدة” لحلها والفصل فيها ، دون اللجوء إلى السلطات القضائية المصرية، حتى وإن حدثت بينهم وبين المصريين خلافات فيتم تسويتها عرفيا دون العودة إلى المحاكم أو القضاء.

★التراث الإجتماعي
وفي حديثهم عن العادات والتقاليد، قال بعض من أفراد القرية، أنهم يحتفظون ببعض العادات والتقاليد الفلسطينية، وطقوسهم المتعارف عليها في الأعراس وحفلات الزفاف وكذلك أسماء المواليد الجدد ، ونتيجة لإنصهارهم في المجتمع المصري وتزاوجهم بعدد منهم، اكتسبوا عادات وتقاليد جديدة، كذلك في طريقة الغذاء والملبس أيضا.

★ المستوى الثقافي
يعتبر المستوى الثقافي في تلك القرية شبه منعدم، حيث إن التقصير لم يكن من الحكومة المصرية، فهى تتيح لهم التعليم المجانى في المدارس الحكومية من مرحلة الروضة حتى المرحلة الثانوية، مثلهم مثل المصريين، أما في مرحلة الجامعة لابد عليهم من دفع مصروفات بالدولار الأمريكي، ففى حالة ذهاب الأطفال للتعليم الآن يجب الحصول على وثيقة لهم من السفارة الفلسطينية، لكنهم منذ أن أتوا إلى مصر بعد حرب فلسطين عام 1948 عاشوا فى عزلة، وهذا يرجع إلى عدة أسباب منها تمسكهم بالعادات والتقاليد والطقوس الخاصة بهم ورغبتهم في الحفاظ عليها، تدني المستوى الإقتصادي لهم خاصة بعد أن فروا من بطش وظلم الإحتلال لهم في بلدهم، فجاءوا إلى مصر لا يملكون شىء.

*حلم العودة إلى فلسطين
وعن حلم العودة إلى وطنهم ، يتحدثون بشغف ويقولون أنه حلم طال انتظاره، لكنه يراودهم طوال الوقت، ولا يغفلون عنه، رغم أن هذه الأجيال الموجودة الآن لا تعرف فلسطين إلا من خلال روايات الأجداد، فصور الزعماء الفلسطينيين تزين جدران منازلهم، وكذلك علم فلسطين يضعونه كشرف لهم في منازلهم.

صرح أستاذ “كمال يوسف” ، مدير مركز معلومات مركز ومدينة أبو كبير، بمحافظة الشرقية، أنه يتم معاملة تلك الفلسطينيين على أكمل وجه، مع احترام خصوصياتهم، وعدم التعرض لهم من أيه جهة أمنية أو إزعاجهم، فهم ينعمون بالأمن والأمان مثلهم مثل المصريين، ولا يشعرون قط أنهم لاجئين، ولا يعرفوا المخيمات، بالإضافة إلى توفير لهم كافة المرافق الأساسية اللتي يريدونها في القرية اللتي يقطنوها.