التخطي إلى المحتوى

كشف مسؤول فلسطيني عن تعرض السياسي البارز صائب عريقات، لـ”فيروس فريد سبب له تلفا رئويا، مما جعله بحاجة ماسة لزرع رئة”، لكن إسرائيل ترفض مدّ يد العون الصحّي لهذا المفاوض العنيد.

ويجد عريقات (62 عاما)، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الذي فاوض 6 رؤساء وزراء إسرائيليين سعيا إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، نفسه اليوم عرضة لحملة تحريض إسرائيلية متفاقمة، ليس لها علاقة بالمفاوضات، وإنما بوضعه الصحي شخصيا.

وأكد مسؤول فلسطيني، مقرب من عريقات، أنه فور انتشار أنباء مرض عريقات وحاجته إلى متبرع، في وسائل الإعلام الإسرائيلية، سارعت شخصيات وجهات يمينية إسرائيلية إلى التحريض ضده، والمطالبة بعدم منحه رئة في حال توافرها في إسرائيل.

وبدأ التحريض على عريقات من مستوطنين ونشطاء إسرائيليين، ثم امتد إلى أعضاء في الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي.

وكتبت عضو “الكنيست” من حزب “الليكود” اليميني الحاكم، عنات بيركو، على صفحتها بموقع “فيسبوك”، أمس الأربعاء: “لا حاجة لإخفاء الحقائق، صائب عريقات عدو لدود لدولة إسرائيل”.

ومع أن إسرائيليين وفلسطينيين استخدموا على مدى سنوات أعضاء جسدية تم التبرع بها عند الحاجة، باعتبار ذلك شأنا إنسانيا، قبل أن تكون له أي اعتبارات سياسية، إلا أن حملات اليمين الإسرائيلي للضغط بهدف عدم منح عريقات رئة، حتى وإن توفر متبرع بها، لم تتوقف منذ أيام.

وكتبت بيركو: “سنرعى مواطني دولة إسرائيل، وليس جلادينا”.

ولم تكن بيركو الأولى في التحريض على عريقات، لكنها أول شخص يحظى بمنصب رسمي، ويتحدث صراحة عن رفض منح رئة لعريقات.

والتحريض على عريقات لا يمارسه أشخاص فقط، إذ وجهت المنظمة اليمينية الإسرائيلية “شورات هدين” (مركز القانون)، رسالة، الأحد الماضي، إلى وزارة الصحة الإسرائيلية والمركز الوطني لزراع الأعضاء البشرية، تطلب فيها إزالة اسم عريقات من قائمة الانتظار، في حال كان اسمه موجودا.

وذكرت القناة التلفزيونية السابعة التابعة للمستوطنين الإسرائيليين أن 50 جنديا وضابط احتياط إسرائيلي، ممن شاركوا في العملية العسكرية الإسرائيلية بالضفة الغربية عام 2002، انضموا إلى رسالة “شورات هدين” (غير حكومية).

وجاء في الرسالة أنه “لا يمكن تصور أن شخصا يُشهّر بالمواطنين الإسرائيليين وبجنود الجيش الإسرائيلي يتلقى هِبة من هؤلاء المواطنين أو الجنود”.

ووصفت الرسالة عريقات بأنه شخص “يدعو إلى مقاطعة دولة إسرائيل، وإلى فرض عقوبات عليها، ويقود حركة المقاطعة لعزل وإيذاء إسرائيل”.

وتابعت: “علمنا من رد وزارة الصحة والمركز الوطني لزرع الأعضاء أن طلب عريقات وضعه على قائمة الانتظار لعملية زرع الرئة في إسرائيل سوف يرفض، لأنه ليس مواطنا إسرائيليا”.

وأضافت الرسالة: “ومع ذلك، فقد أوضحت (وزارة الصحة) أنه في بعض الحالات، عندما لا يكون هناك تطابق بين أولئك (الإسرائيليين) الذين ينتظرون عملية زرع الرئة، والرئة المتاحة للزرع، فإن لجنة الزرع تعرض الزرع لمواطن غير إسرائيلي، مشترطة موافقة أسرة المانح”.

وتابعت “شورات هدين”، وهي مختصة بتقديم دعاوى قانونية ضد الفلسطينيين، في رسالتها:” يجب أن نوضح أن هذا (الاستثناء) غير ملائم وينبغي رفضه.. لا نعتبر أنه من المناسب إضافة الألم والحزن من خلال إضفاء الشرعية على خطوة غير منطقية، وهي مساعدة عنصر معاد لإسرائيل، لا يقوم فقط برفض وجود المجتمع الإسرائيلي، بل يعمل أيضا على تدميره ونزع الشرعية عنه”.

وختمت الرسالة بالقول:” من غير الملائم لدولة إسرائيل أو مواطنيها أن تعطي حياة لشخص يتصرف بشكل منهجي لإيذائها بشكل قاتل”.

ووفق صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، في تقرير نشرته الأسبوع الماضي، فإن مواقع إخبارية إسرائيلية نشرت رسائل “قاسية”، حيث “تمنَّت لعريقات موتاً سريعاً”.

وكتب إسرائيلي على أحد هذه المواقع: “عملية زرع رئة؟ إنسَ الأمر. لكن السجائر ستكون على نفقتي”، بحسب الصحيفة الأمريكية.

ويقول اليمين الإسرائيلي إن عريقات دفع شخصيا نحو تدويل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي من خلال طرح حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة والانضمام إلى العديد من المعاهدات والمؤسسات والاتفاقيات الدولية بما فيها المحكمة الجنائية الدولية ومعاهدات جنيف الرابعة.

وإزاء هذه الحملة الشرسة، قال المركز الوطني لزرع الأعضاء البشرية في إسرائيل، إنه “يمكن فقط للمرضى من مواطني دولة إسرائيل التسجيل في قائمة الانتظار لزرع الأعضاء”، بحسب تصريح مكتوب، نشر يوم الجمعة الماضي.

وأضاف: “يتم تحديد أولويات زرع الأعضاء وفقا لمعايير طبية، بدون استثناء، لكن مع مراعاة مبدأ أن سكان إسرائيل الذين يحتاجون للزرع هم فقط من يحصلون على التبرع”.

وأوضح المركز الإسرائيلي أنه “في حال عدم وجود مريض إسرائيلي للحصول على التبرع، فإن العضو المتبرع به يمكن نقله إلى مواطن غير إسرائيلي، وذلك رهنا بموافقة الجهة المانحة، وبالتنسيق مع مركز زرع، وهذه الحالات نادرة للغاية”.

ويفتح المركز الوطني لزرع الأعضاء في إسرائيل باب التبرع بالأعضاء أمام المواطنين اليهود والعرب على السواء.

ويشكل العرب نحو 20% من عدد السكان في إسرائيل.

هذا واعتبر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واصل أبو يوسف تحريض بعض القيادات الإسرائيلية ضد عريقات، “أمرا معيبا”، إلا أنه، وصفه في الوقت نفسه بأنه “وسام شرف لعريقات، ولمواقفه الوطنية”. وقال إنه “لا يجوز الخلط إطلاقا بين موضوع إنساني وموضوع سياسي”.

ويعد عريقات أحد أكثر قيادات حركة “فتح” ومنظمة التحرير قرباً من الرئيس الفلسطيني، محمود عباس.

وجمع عريقات خبراته التفاوضية في كتاب أطلق عليه اسم “الحياة مفاوضات” (2008)، ثم تبعه بكتاب بعنوان |عناصر التفاوض بين علي وروجر فيشر” (2014)، وهو دراسة مقارنة بين سبعة عناصر للتفاوض حددها عالم المفاوضات الأمريكي فيشر، وعناصر التفاوض الـ12 عند الخليفة علي بن أبي طالب، أي دراسة مقارنة بين السلوك التفاوضي الغربي والسلوك التفاوضي العربي– الإسلامي.

ودعم عريقات في اكثر من مناسبة الجهود التي تقوم بها حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات من إسرائيل (BDS) الناشطة في فلسطين وفي أنحاء العالم والتي أعلنت إسرائيل الحرب عليها.

ويصر عريقات على أن الحل هو بإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967 مع إيجاد حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين يستند إلى قرار الأمم المتحدة 194 وهو ما ترفضه إسرائيل.

ولم تخف إسرائيل في أكثر من مناسبة بأنها لا ترغب بعريقات مفاوضا، مطالبة باستبداله.