التخطي إلى المحتوى

البيع حسب التسعيرة سعر الجثة 13 ألف جنيه للطلاب .. والجمجمة بـ”5 الاف” لتجار المخدرات

تحقيق .. عزة زكريا – ياسمين النجار – رحاب صابر

المصريين يهانون أحياءً وأمواتًا هكذا أصبح حالهم بعد أن استُبيحت أجسادهم حتى بعد مماتهم، وما بين طلاب كليات الطب وصناعة المواد المخدرة وأعمال السحر، ما زالت قضايا «نبش القبور» واختفاء الجثث والإتجار فيها لغزًا لم تجد الهيئات المسئولة حلاً لها ، حيث تعددت البلاغات حول اختفاء الجثث ورُفاها من المقابر ووسط مقابر مُنكسرة ، تجد شواهد الموتى من داخل مقابر، وهناك أكثر من طريقة للتعدي علي حرمة الموتي وأكثر من سبب يستعمله معدومي الضمير لنبش القبور، فما شهدناه في المقابر شئ لايصدقه عقل أو يتخيله إنسان فمَن المسؤل عنها ومَن المُتابع ؟! فجميعنا ندفن الموتي ونذهب لبيوتنا ونتركهم في رعاية الله تحت التراب ثم في رعاية حارس المقابر الذي يبيع ضميره مقابل الوصول لمكاسب مالية ونسي أن الدنيا فانية والحقيقة الواحدة هي الموت .

“عمود السواري” بالأسكندرية أولي مغامرات “شخبطة” لعالم الأموات للتعرف علي ما يجري بالمقابر من انتهاكات، وتعدٍ على حرمات الموتى دون تقديس للحرمانية، أو الخوف من لعنة الموتى على الأحياء، وقد تنكرنا في طلاب كلية طب لشراء أحد الجثث من إحدي مقابر عمود السواري والجميع في حالة ترقب حتي وصلنا لغرفة الغفير المسئول عن تسليمنا جثمان أحد المتوفين الذي قام أمامنا بالنبش في قبره لنقوم بإختيار إحدي الجثث التي سيتم الاتفاق عليها لتُصبح أكبر ذنوب المتوفي هي تسليم أمانته لغفير معدوم الضمير كانت أكبر طموحاته هي الوصول للمكاسب المادية من تجارته الرخيصة.

ومن هنا تعرفنا علي أسعار الجثث فيقوم بالتعامل في بيع الجثة الواحدة مقابل 10 ألاف جنية، ويزداد غلاء ثمن الانسان كلما اقترب بيعه من تاريخ الوفاة بمعني أن الانسان حديث الوفاة والذي لم يتجاوز الـ 4 ساعات من الوفاة قد يصل ثمن جثمانه للمبالغ التي نسمعها في الدراما المصرية، لكن إن تم دفنه فقط ليلة واحدة يُصبح كعدمه وتبدأ أعضائه بالتحلل خلال 6 ساعات من الوفاة “وكله بتمنه”.

وقد اكتشفنا اختلاف سعر الجثة بالنسبة إلينا كطلبة طب وتجار المخدرات فقد شرح الغفير خلال حديثه أنه يقوم ببيع الجمجمة لتجار المخدرات علي حسب حداثتها فالجمجمة القديمة يبدأ سعرها من 800 إلي 1500 جنيه والأحدث قليلا يصل سعرها إلي 3 ألاف جنيه أما عن حديثة الدفن فإنها تصل إلي 5 ألاف جنيه، كما أنه شرح إلينا طريقة صنع التجار للمخدرات المضروبة بطحن الجماجم فـ ” 50 جرام من الهروين ” تكفي لوضعها علي جمجة واحدة .

أما عن طرق التجار في نقل الجماجم بعيداً عن أعين الحكومة، فقد قال الغفير أن التجار ينقلون الجماجم في حقائب سفر أو أشولة ويتحركون بالقطار بعيدا عن لجان التفتيش علي الطرق، وقد نصحنا بإحضار سيارة نصف نقل محملة بأي نوع من أنواع الخضار لوضع الجثة أسفلها واخفائها عن الأنظار.

وتركت ” شخبطة ” الغفير علي آمال الرجوع لتحميل الجثة المتفق عليها وانتقلت بعد ذلك لمقابلة أهالي المنطقة فقد قال ” سعيد . ف ” إن مهنة نباش القبور متواجدة بكثرة في مقابر العامود والمنارة، مشيراً إلى أن النباش “تربي” ولكنه باع ضميره للشيطان، مضيفا أن هناك تُربية يقومون بنبش القبور وسرقة الجثث منها إما لبيعها لمعدومي الضمير أو بيعها لتجار المخدرات الذين يقومون بطحن بودرة الجماجم والعظام البشرية بأقراص الفراولة أو الترامادول أو أي نوع من الأقراص المخدرة لتعطي نتيجة قريبة من مخدر الهيروين ويقومون ببيعها، مؤكدا أن ثمن الجثة يتراوح ما بين 10 آلاف جنيه أو 13 ألف جنيه، ويتابع بأن تجار المخدرات بمنطقة كرموز الشهيرة بـ”الباطنية” يقومون بأخذ المقابر وكراً لهم من حيث الهرب من رجال الشرطة، وإخفاء المخدرات أو تسليم البضائع أو توزيعها علي المتعاطين أو عمليات حقن الهيروين.

أما عن “عبدالله . ش ” فقد أوضح قائلا : «سمعت كثيرا عن وجود أعمال منافية للآداب وتصرفات غير لائقة داخل المقابر، لكن ماصدقتش لغاية لما شفت بعينى»، فقد كنت في زيارة لشقيقتي ولم أكد أدير ظهري من قرائة الفاتحة حتى سمعت صوت عالٍ، ممزوجاً بقهقهات، صادر من اتجاه غرفة الحراسة المجاورة للمقابر «فين حرمة الموت؟ شيشة ومزاج داخل المدافن» «عبدالله» ما زال يضرب كفاً بكف قائلا : ” المكان اللى بنحاول نستريح فيه من وجع الدنيا، بقى مكان للمزاج».

وذكر “محمود . ع” أن شراء جثث الموتى من متعهدي المقابر أمر معلوم للجميع، فالطالب مُكلف بإحضار جثة، والحارس يتعامل مع الجثث على أنها سلعة تباع وتشترى، وعندما يجد الحارس استهانة الطالب الذي يعتبره طبيبًا بحرمة الموتى، يستهين هو الآخر ويشعر كأنه يقدم خدمة للناس عن طريق بيع الجثث.

وأضاف أن الجثة إما أن تباع بأكملها أو تباع أجزاء منها بحسب حاجة الزبون، وليس بالضرورة أن يكون طبيبًا، فبعض الدجالين يطلبون أشياءً غريبة كقطعة من لحم الميت أو سنة من أسنانه، وغير ذلك، وبالتالي يكون الاتفاق بين الحارس والمواطن العادي وبالمزاد السري كما أن هناك عصابات من المجرمين يقومون بطحن العظام وجماجم الموتى ويخلطونها مع مسحوق الهيروين والبرشام من خلال تجار المخدرات الذين يريدون النصب على زبائنهم وتقليل سعر تذكرة الهيروين.

وقال ” محمد . ف ” : إن هذا الأمر هو جريمة مفزعة لابد من التدخل الفورى لجميع المسئولين من أجل ضبط المتورطين فى هذا الأمر الذين لم يراعوا أى تعاليم دينية، وانتهكوا حرمة الموتى، مضيفًا أنهم يعلمون أن هناك تجارا من الذين يتاجرون فى الهيروين يخلطونه بعظام وجماجم الموتى، وذلك بعد استخراج العظام والجماجم من المقابر دون مراعاة لأى حرمة، وطحنها حتى تصبح بودرة وتخلط بالهيروين.

وأضاف أن هذة الواقعة ليست الأولى، حيث إن هناك وقائع أخرى حدثت قبل هذا الأمر، كانت من خلال العثور على جثث عليها دماء ربما يكون لمواطنين قامت تلك العصابات بقتلهم من أجل الحصول على الجماجم الخاصة بهم لطحنها فى المخدرات، مشيرًا إلى أن هذا الأمر كارثة حقيقية لابد من أن تدخل الأجهزة الأمنية لحلها، وسرعة القبض على تلك العصابات خوفًا على حياتهم من أن يتطور الأمر إلى أكثر من ذلك، موضحًا أن صديقه بعد نبش القبور لم يجد رأس والده المتوفى، وهذا ما يؤكد أنهم يستولون على الجماجم وليس طحنها فقط، مؤكدًا أن زميله حرر محضرا بمركز شرطة أبو المطامير حمل رقم 2520 إدارى المركز لسنة 2016، اتهم فيه مجهولين بسرقة رأس والده .

ويراوجنا سؤال هل سيظل هؤلاء المافيا المعلومين أمام أعين الجميع إلا الجهات المسئولة قائمين علي أعمالهم المشينة دون رجعه ؟! وتنتقل ” شخبطة ” إلي ثاني مغامراتها في مقابر القاهرة التي اختلف بها الحال في طرق التعدي علي حرمة الموتي من سحر المقابر «عمل مدفون فى قبر»، «سحر مدفون فى كفن ميت»، «عمل على عظم ميت»، مصطلحات عديدة يعرف بها «سحر المقابر» الذى يعد أحد أنواع السحر الأسود المدفون وأخطرها وأشدها فتكًا أيضًا، وترجع خطورته لأسباب عديدة، أهمها صعوبة الوصول إليه وتحديد مكانه من أجل إبطاله والتخلص منه، إلى جانب خطورة جن المقابر الذين يعتبرون من أخطر أنواع الجن وأكثرهم إيذاءً للإنسان، وبسبب أنواع السحر المختلفة المرتبطة بالموت والمقابر وأدوات تغسيل الميت وكفنه ارتبطت هذه الأشياء بهالة إضافية من القدسية والمهابة إلى جانب هيبة الموت، ولهذا السبب أيضًا يرفض الكثيرون أن يتواجد بالقرب من جثمان الميت إلا المقربون منه الثقات الذين يصعب أن يتورطوا فى مثل هذه الجريمة ويدسوا أى نوع من السحر فى كفن الميت أو فى جسده.

فقد وجدنا التعدي مع الدجالين وتأثيرهم الذي مازال في ازدياد مع فئات المجتمع علي الرغم من تحذير وسائل الإعلام ونهي تصديقهم في الكتب السموية وأنه شرك بالله عز وجل فقد قال تعالي ” كذب المنجمون ولو صدقوا “، لكن بمقابر السيدة نفسية تجد محاولات لشراء تراب من أسفل متوفاة وخصلة من شعرها بعدما طلبت منهم ” الشيخة إجلال ” إحدي الدجالات بالمنطقة عمل ذلك لإنجاب طفل أو تزويج فتاة وبمقابلة ” شخبطة ” مع غفير المقابر المسئول عن التسهيل لهؤلاء السيدات ما طلب منهم فقد أوضح لنا أنه عرض عليه العديد من هذه الحالات ولم يري في فعله أية حرمانية .

واتجهت ” شخبطة ” لأهالي المنطقة لمعرفة رأيهم، فقد قالت ” سعاد . أ ” إن هذا الامر منتشر بيننا و بالفعل ذهبت بابنتي إلي المقابر ” عشان تعدي من فوق الجثة ” حتي تنجب لكننا لم نعلم إذا كان حراماً ام حلالاً .

وأكد ” محمد . ص ” علي تكرار هذا الأمر وقد أوضح لنا أنه ذهب للمقابر لكي يحضر ” خصلة ” من شعر جثة وتراب من أسفله لابنة خاله حتي تتزوج مع علمه أن هناك حرمانية في فعل هذا الأمر .

وأضاف ” الحاج شوقي . م ” أن غفير المقابر يقوم بمساعدة الأهالي للنزول للجثث لتنفيذ مطالب الدجالين مقابل أموال فلتُخطي علي الجثة مقابل 500 جنية ولأخذ ” خصلة شعر ” 300 جنيه أما عن التراب من أسفل الجثة 600 جنيه ” وكله بتمنه ” , وذكر أن الغفير ينصح الأهالي بالخروج من نفس العين التي ينزلون منها ولا يخرجون من العين الأخري ليتجنبوا الحكومة.

وهكذا يستمر مسلسل إهانة الأحياء والأموات في مصر، من خلال سرقة جثث الأموات دون وجود رادع أو حل من المسئولين، وأصبحت جثث أموات الشعب المصري ليست في مأمن من تجار المخدرات والطلاب.