التخطي إلى المحتوى

 

 

كتب : محمد محفوظ

تعتبر مصر دولة عربية ذات غالبية إسلامية، ذات بعد إستراتيجى و ثقل سياسى لا يمكن نكرانه من الجميع، كما لها تاريخ قبل أن يبصر التاريخ النور، يشهد عليه أثارها المكتشفة التى لم تترك مكان بالعالم وإلا سعى لإكتنازها والزهو بها فى ميادينه ومتاحفه، كلها مسلمات مفرغ منها كما واحده لا نكران لها، ألا وهى أن قويت و أستقامت سادت العالم كله.

 

إضافةً إلي كونها دولة ميزها الله بنهر النيل فهى هبه النيل، لطالما كانت تفيض بخيراته من حبوب و غلال لروما وأوربا فيما مضى، لكن أين هى الأن و أين أوربا ؟، وللإجابه عن ذلك يجب أولاً أن نعرف كيف أصبحوا كذلك ولما نحن لازلنا كما كنا، فنحن مررنا جميعا بنفس دورات الصعود والهبوط قديما  ولكن حديثاً هبطنا ولم نصعد فقدنا الطريق، فماذا فعلوا وماذا نفعل لنعود للدرب و نكمل طريق الصعود.

 

“لينكولن” هو رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، أستلمها مهددة بالإنفصال لولايات متناحرة بينها صراع على عبودية مجرمة شمالاً و مقننة جنوباً، بلد مهلهل لا يوجد ما يربط أوصاله، فكيف صعد بها لتصبح القوة الأكبر و الأضخم عالمياً واقتصادياً على مر ما يقرب من قرن من الزمان.

 

أولاً قام “لينكولن” بفرض سيطرة الدولة تحت علم واحد، قائد واحد، وحكومة مركزية واحدة، لذا حقق الإستقرار بفرض قانون موحد بمنع العبودية والرق، قام بإتخاذ أهم ما مكن أمريكا المهلهله من أن تصبح القوة الأعظم أقتصادياً، ففى العام 1862 م قام بربط الساحل الشرقى بالساحل الغربى و الشمال بالجنوب بواسطة سكك حديدية سهلت حركة التجارة بين الولايات، مما أدي إلي إنتعاشها أقتصادياً لتصبح فيما بعد الأكثر إنتاجاً عالمياً.

 

“مارشال” هو قائد قوات الولايات المتحدة الأمريكية أثناء الحرب العالمية الثانية، هو قائد عسكرى يتمتع بعقليه إقتصادية ممتازه، حيث أنه بعد الحرب العالمية الثانية و إنهيار إقتصاديات الدول الأوربية، إقترح “مارشال” مشروعه لدعم الإقتصاديات المنهارة فى أوربا و إعادة إنعاشها، كان ذلك فى شكل منح وقروض ل 17 دولة أوربية انهارات إقتصاديتها، قدرت حجم تلك المساعدات وقتها بمبلغ 13 بليون دولار أمريكى، تم تقسيمة 26 % لبريطانيا و 24 % لفرنسا و الباقى لل15 دولة الأخرى، تم إستثمارها فى إعادة إعمار المصانع المنهارة وإعادة تأهيل طرق الربط بين دول الرابطة الأوربية و البعض منها فى هيئة مساعدات غذائية، لتصبح أوربا فيما بعد أكبر كتلة إقتصادية خلف الولايات المتحدة الأميركية.

 

مشروع مصر البعض سينكر وجود مشروع يقارب المشروعين السابقين، لكن إذا نظرت بحياديه وابتعدت عن الميول تجاه فصيل فحتماً سيختلف حكمك ونظرتك للأمور و إليك ملامح مشروع “لينكولن مارشال” المصرى.

 

أولاً : إعادة نسج المجتمع المصرى داخل بوتقة وطنية واحدة خلف الدولة المصرية فنراه الأن متحد خلف دولته رغم ما مر عليها من محاوله جره لصراع طائفى و صراع مسلح فبائت جميعها بالفشل.

 

ثانيا : أصبحنا أخيراً نرى حلولا جذرية للمشكلات، حتماً ليست كلها لكن مشوار الألف ميل يبدء بخطوة، ولا يمكن فتح جميع الملفات بنفس التوقيت، فالأن نرى حلولاً لمشاكل سكان العشوائيات الخطرة، حلاً جذرياً لمرضى فيرس سى الفتاك.

 

ثالثاً : تنمية إقتصادية حقيقية قائمة على عدة محاور أهمها محور الطرق، فتم ويتم الأن تنفيذ المشروع القومى للطرق بمواصفات عالمية، ستسهم بما لا يدع مجالاً للشك فى تسهيل حركة التجارة الداخلية، و سهولة التنقل والحركة بين ربوع الدولة من خلال تنفيذ ما يفوق 4800 كم طرق و 1724 كبرى بما يسهم إقتصادياً ويساهم فى أعادة التوزيع الديموجرافى للسكان على جوانب الطرق بدلا من تكدسهم فى 6% فقط من مساحة مصر.

 

رابعاً : الأمن الغذائى حيث تم البدء فى مشروع المليون فدان و كذلك مشروع المليون رأس بتلو، و المزارع السمكية على ضفاف قناة السويس و بركة “غليون” بكفر الشيخ بما يساهم فى سد الفجوة الغذائية التى نعانى منها رغم أننا بلد زراعية فى الأساس، إلا أننا ننتج الموالح و نترك ما يسد جوعنا.

 

خامساً : السعى فى الدخول لمجالات التصنيع ذات العائد الإقتصادى، حيث تم لأول مرة إنشاء مصانع الرخام بوسط سيناء  بدلا من تصديرة كتل حجرية واستيرادة مرة أخرى كمنتج نهائى، كما تم إعادة تأهيل شركات القطاع العام المهملة و التى لأول مرة منذ عقود تحقق أرباح قدرت 1.8 مليار جنيه كناتج 147 شركة، السعى فى إنشاء مناطق تصنيع تكنولوجى بالعاصمة الإدارية الجديدة و شرق بورسعيد و غيرها الكثير.

 

سادساً : مشاريع المدن الجديدة مثل الإسماعيلية الجديدة و أسيوط الجديدة و شرق بورسعيد وأهمهم مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، التى ستكون نواه إنطلاق مصر للإلتحاق بقطار التنمية المستدامة، حيث تنشئ طبقاً لأعلى المعايير العالمية من حيث كفائة طرق و خدمات و شبكات مرافق على أعلى مستوى من التخطيط، بمساحة تعادل دولة سنغافورة و ثلاث أضعاف  مساحة واشنطن عاصمة أمريكا لتمثل شريان حياة جديدة للإتجاه شرقاً.

 

فى النهاية الأمل و العمل يجب أن يتغلبوا على الحرب النفسية المدارة بإحترافية لإحباط المصريين، سواء كان الفاعلين فيها من نبت ترابها أو كانوا أعداء لا يريدون نصرتها، لكن يجب علينا جميعاً أن نستكمل مسيرتنا كدولة تسعى للنور دون التطرف و التشتيت و التحزب لصالحنا جميعاً.