التخطي إلى المحتوى

 

 

تجاهل نبض الجماهير أسوأ عدو للحكومات

 

مسارات جديدة لاحتواء الشباب

 

العلاقة السامية بين الأديان.. ضرورة إنسانية

 

دعوة للمصريين بالخارج.. لكسر الجمود السياحي

 

عزيمة المصريين هزمت إسرائيل وأمريكا والغرب

 

كيف نبغ السادات سياسيًّا من خلال أجندة التحرك الدولى؟

 

 

 

القوة الخارقة التى انبعثت فى السادس من أكتوبر عام ١٩٧٣ جعلت من هذا اليوم عيدا للأمل والعزة والكرامة.. ومهما أسهبنا فى التحليل فلن نستطيع أن نبرز كل الجوانب لهذا النصر العظيم الذى فرض نفسه على كل الساحات السياسية والاجتماعية والثقافية للشعب المصرى.. بل وأضاف للتراث المصرى الذى يمتد عبر آلاف السنين إضافة قوية كانت ولا تزال محل فخر واعزاز ليس فقط للشعب المصرى بل وللشعوب العربية بأكملها.. ولا أنسى ما قاله أمير الكويت الشيخ صباح السالم وكان فى إحدى زياراته لقسم القلب بالكويت.. ولعلك لا تعلم أنه قد عمل وزيرا للصحة قبل أن يصير أميرا للبلاد، الا أن اهتمامه بالصحة قد استمر ولم يتوقف من أجل مواطنيه – كان أن حكى لنا عن مشاعره وانطباعاته أثناء زيارته لمصر ولخط بارليف عقب حرب أكتوبر.. قال انه شعر بالعزة والفخر لأن نصر أكتوبر جاء نصرا لكل العرب بل ويحمد الله لأنه عاش ليرى هذا اليوم العظيم.. ثم استطرد بأنه لم يكن من المتصور اجتياز خط  بارليف الحصين ليتهاوى أمام جنود مصر.. فأى قوة هذه التى يمكنها عبور هذا الحصن المنيع! وبدا فى غاية التأثر وهو يسرد انطباعاته وشعوره بالسعادة وهو يرى كيف تحطمت الأسطورة على يد الأبطال، مضيفا أن الله تعالى قد أرسل لنا هذا النصر لرفعة العرب وأن شعوره بعظمة العمل تيقنت بعد رؤيته رؤية العين لهذا الخط الممتد بطول قناة السويس.. والشيخ صباح السالم كان رحمه الله إنسانا صادقا، مرهف الحس مليئا بالمشاعر الطيبة تجاه مصر.. فيتحدث عنها بحب وولاء، وكان يحكى لى كيف أن القاهرة فى الماضى كانت باريس العرب.. كل العرب كانوا يتوجهون لزيارتها وكانت أعظم متعة أن ترى بعينيك الحضارة والتقدم والترحاب فى مصر.. ويستطرد قائلا : وبعد عودتنا للكويت كنا نقضى شهرا كاملا نقُص ونسرِد ما رأيناه فى مصر داخل الديوانيات الخاصة بنا..

 

وكنت اتساءل ما الذى جعل حرب أكتوبر حدثا فى قلب كل مصرى وكل عربى؟ ولماذا استمر هذا الشعور ٤٣ عاما دون أن يتغير؟ وفى اعتقادى أن كلمة «النصر» لا تجيء كافية لإجابة شافية عن تلك التساؤلات، فهى المحصلة لعدة عوامل تآزرت وتكالبت لتخلق منه نصرا حقا عزيزا.. فدائما أشعر بأن استمرارية هذا العيد ترجع الى «عبقرية» حرب ٦ أكتوبر.. فعبقرية ٦ أكتوبر ملأت قلوبنا وعقولنا بالعديد من النفحات.. ويضاهى فيها قرار الحرب الشجاع ، والنجاح فى الحفاظ على سرية هذا القرار وتوقيت الحرب بذكاء وحرفية منقطعة النظير.. ولا شك أنك تشعر بالفخر والإعزاز للرئيس الراحل أنور السادات ـ رحمه الله ـ الذى اتخذ هذا القرار، والذى قاد عملا جبارا هائلا فجر طاقات مصر وقدراتها الخلاقة.. وشجاعة هذا القرار تتمثل أيضا فى انه كان مدركا أنه يحارب إسرائيل ووراءها امريكا فى الوقت الذى لم يكن فيه الثقل العالمى فى صالحه تماما.. ولكن الرئيس السادات استطاع أن يعالج إخفاقات الماضى وأن يعلو بقدرات جيشه وشعبه الى التحدى الذى كتب له النصر بإذن الله، واستطاع أن يضع رؤية واقعية، وخلق الرؤية فى حقيقة الأمر هو اللبنة الأولى للنجاح وهو المفتاح الذى يقود الاستراتيجيات والسياسات فى مجموعها الى النجاح والنصر فى النهاية.

 

عبقرية ٦ أكتوبر هى جزء من عبقرية الإنسان المصرى الذى لم يضق بالدنيا وأزماتها ولم تحاصر الصعوبات فكره ونبوغه.. وابداع الانسان المصرى جاء متألقا فى أساليب العبور باكتشافه أن قوة اندفاع الماء أقوى من القنابل المتفجرة.. وكان هذا الاكتشاف وحده أحد الأعمدة الرئيسية لنجاح الجيش فى عبور قناة السويس.. هذا العبور اذن كان قائما على تطويع التكنولوجيا واختراق حاجز العلم بإضافة غير مسبوقة لتسجل تفوقا ونصرا شهد له العالم.. ونظريا ربما توجد هناك العديد من الوسائل لاختراق خط بارليف ولكن استخدام مصر لتكنولوجيا غير مكلفة، وبطرق مدروسة، واعداد جيد لوسائل التنفيذ قد سهل الكثير من الصعاب فى سبيل تحقيق الهدف.

 

عبقرية ٦ أكتوبر وضحت فى القدرة على شحذ الهمم وإقناع كل المصريين ليكونوا يدا واحدة فى وحدة متكاملة، وتولدت عزيمة لا يمكن أن يكتب لها الفشل.. وخرج الجنود بمفهوم واحد إما النصر لمصر أو الموت من أجل مصر.. دون خوف ودون تردد.. هذه عزيمة شعب لم تخفها قوة إسرائيل ومكاتفة أمريكا والغرب لها.. وهذا هو الدرس العظيم الذى يجب أن نتعلمه أن قوة الحق أعلى من كل القوى وخاصة إذا كان هناك إيمان راسخ بذلك وإذا كان هناك أيضا اقتناع بسمو الهدف.. هذا الهدف بوصفه استطاع وما يزال قادرا على أن يجمع كلمة شعب بأكمله.. ومن هنا تبرز أهمية بذل الجهد فى الإقناع والحوار والمصداقية والشفافية لتحريك مشاعر الجماهير واجتماعه على الهدف إذا ما أريد وحدة الشعب وتماسكه.. وإذا ما أريد التغيير.. أى تغيير.

 

عبقرية ٦ أكتوبر جاءت من التخطيط السليم.. وبديهى أن التخطيط لا يأتى عفويا ولكنه الطريق العلمى الذى يعقب وضع الرؤية المتماسكة التى تترجم إلى استراتيجيات وسياسات واقعية، والتخطيط فى حرب أكتوبر اعتمد على التدقيق فى المعلومات ولم يعتمد على الخطابة والانطباعات.. هذا التخطيط الذى استغل كل إمكانيات مصر فى عمل خطة شاملة متكاملة ساهم فيها الجيش والشعب.. وهنا لابد أن نسلم بأن التخطيط السليم هو الطريق الأوحد لتحقيق أى نجاح سواء فى الحرب أو فى السلم.. وأما الإنشاء والعواطف والخيال فقد كان سببا فى انتكاسات متعددة لشعبنا مثل نكسة ٦٧ أو انتكاسات المشاكل المتراكمة التى تسبب الكثير من معاناة الشعب المصرى..

 

عبقرية ٦ أكتوبر كانت فى الارتكاز على العمل السياسى وتحقيق المكاسب من خلال القدرة فى وضع القالب السياسى الذى يتقبله ويشجعه الشعب والعالم.. استطاع السادات أن يثبت نبوغه السياسى من خلال أجندة للتحرك دوليا وإقليميا ومحليا، وكانت قوته فى التحرك السياسى نابعة من الايمان بالذات وعدم الانصياع وراء الانهزامية.. فكان محاورا متفوقا ومبدعا فى مبادراته وحواراته ،قادرا على الإقناع وحشد التأييد من العالم كله.. لقد استطاع السادات أن يبهر العالم والأدهى من ذلك أن يبقى أوراق اللعبة بين يديه..

 

عبقرية ٦ أكتوبر تجلت أيضا فى المبادرات السياسية المباغتة والتى أعلت من مكانة مصر سياسيا عندما توجه السادات الى القدس، ومن خلال مبادرته استطاع أن يدخل إسرائيل الى مرحلة الارتباك ثم الاستسلام السياسى وهذا أقوى من كل الهزائم.. والذى يراقب ما فعله السادات وما كتب عنه فى الخارج قد جعل منه خصما من الصعب هزيمته، لأنه استطاع أن يجعل أمريكا أقل تشددا وأن يزرع الحكمة فى عقول رؤسائها، وأن يقنع الشعب الأمريكى بقضيته وتوجهات بلاده.. فاكتسبت مصر السلام كل الاحترام والتقدير.. وأذكر أحد أساتذة جراحة القلب المشهورين بأمريكا وكنت فى ذلك الوقت بالولايات المتحدة حين قال ونحن مدعوون الى عشاء فى بيت العميد أن أمريكا تحتاج رئيسا قويا مثل السادات.. السادات سبق عصره ولكنه لم يستطع أن يقنع المتشددين من السياسيين بأن ينضموا الى مائدة المباحثات حينما جلب لهم حلولا جذرية لم ولن نستطيع الحصول على بعض منها الآن.. وهنا يجب أن نتعلم أن ما كنت تستطيع أن تفعله منذ أربعين عاما قد لا يبدو مقبولا الآن، ومن هنا كانت فلسفة السادات آنذاك بأن حصولك على جزء من مطالبك أجدى من عدم الحصول على شيء بالمرة..

 

عبقرية ٦ أكتوبر أظهرت أن المواجهة قاسية ولكنها الطريق الوحيد للحصول على مكاسب.. يمكن ألا تكون كل المكاسب ولكن على الأقل خير من الخسارة الدائمة.. المواجهة فى السياسة صعبة والحوار مع الأعداء قد يبدو مستحيلا ولكن النجاح فى المواجهة والقدرة على الحوار والمحاورة كلها أدوات جديدة، أو لنَقُلْ أسلحة غير نمطية تستطيع أن تزلزل الجبال.. وعبقرية أكتوبر أثبتت أن العمل السياسى ناجحا أو فاشلا يترجم فى النهاية الى مكاسب أو خسائر تضيف أو تنقص من اقتصاديات البلاد.. ونجاح مصر فى استرداد أرضها دون حروب جديدة وفرت كثيرا من الأرواح والمليارات التى قد تنفق دون الوصول الى أى نجاح.

 

و٦ أكتوبر ليست بدون أخطاء ولا يوجد نجاح فى العالم -أى نجاح لأى عمل عظيم- بدون أخطاء.. وحتى لو وجدت أخطاء الا أنها لم تؤثر على تحقيق الهدف والوصول الى معظم النتائج المرجوة.. والعمل المخلص لا يحتاج الى مدافع إذا ما أثيرت بعض الشكوك حوله فهو مدافع عن نفسه. لقد مات أنور السادات ولكن ظل ٦ أكتوبر محفورا فى قلوب المصريين والعرب المخلصين وهو ما يدعونا الى تعميق الرؤية فى هذا النصر الذى عبر بالشعب المصرى فى عالم الحضارات عبورا لم يحدث فى أى عهد مضى..

 

عبقرية ٦ أكتوبر كانت فى التدريب المضنى وتنمية البشر.. التدريب لأدوار متعددة ارتقت بفعل البشر وبقدراته ومهاراته.. فكان العمل متقنا.. نعم فالإتقان لا يأتى من فراغ، ولكن يأتى من خلال العلم واكتساب الخبرة والمهارات وهو ما دفع بالعبور وجعله ممكنا بعد أن وُصف بالمستحيل.. صناعة التقدم فى ٦ أكتوبر أعادت للإنسان المصرى وأعادت لمصر كلها كرامتها وعزتها فى أنها قادرة على صنع التاريخ فى كل زمان ومكان.. هذه هى الصورة المتكاملة..

 

استطاعت عبقرية أكتوبر أن تجتاز الكثير من الصعاب والمشاكل المتراكمة وقلة الامكانات.. نعم قلة الإمكانات فالدعم الروسى كان متقطعا ومترددا.. والخزانة كانت خاوية.. والقروض متعددة.. والشعب لم يكن متخيلا حدوث مثل هذا العمل الجبار.. فكان هناك احباط وتساؤلات عن قدرة مصر لخوض الحرب، ولكنها استطاعت أن تقهر الزمان والمكان وأن تبهر العالم وأن تعيد ثقة الشعب فى قيادته.. وعاشت مصر كلها محنة الحرب ووقفت لها.. وظهر التأييد الشعبى المطلق وبتلقائية مدهشة فكان التكاتف والإيثار.. المرأة لم تعبأ بقلة المواد التموينية والغذائية فكفّت بيتها، وطببت جرحى الحرب، وقدمت أولادها للشهادة فى سبيل الوطن.. المتطوعون يتدفقون من كل صوب وكان مطلب الكثيرين أن تفتح لهم الأبواب للتطوع فى خدمة القوات المسلحة.. تبرعات الدم تفوق قدرات التخزين.. الفن يتحرك بأروع الأغانى والأناشيد الوطنية التى تسرى فى وجداننا الى الآن لتعبّر عن إنجاز هائل لشعب عظيم.. والثقافة تفتح فكرها لتعضد آمال المصريين.. حتى السارق توقف عن السرقة حتى تكون له مشاركة!

 

هذه روح أكتوبر التى يتساءل عنها الكاتب المخضرم عباس الطرابيلى فى مقاله الأسبوع الماضى أين ذهبت؟! وأحاول أن أكون مجتهدا فأجيب بأن الغوص فى عمق تجربة حرب ٦ أكتوبر بركائزها ومخرجاتها يبرز العديد من المقومات أعظم ما فيها أنها قابلة للتطبيق فى أى عمل أو انجاز حتى وإن اختلف المجال.. إن ما ذهب هو مقومات روح أكتوبر التى يلخصها ويحللها ما أوردناه هنا عن عبقرية ٦ أكتوبر.. اذ لم نحافظ على المقومات التى تبقى حماس الشعب متأججا.. لم تعد هناك قدرة على تعبئة الشعب وقدراته.. لم يعد لدينا التخطيط السليم والواقعي.. لم تعد هناك ابداعات فى خلق قوى وأدوات جديدة مثلما كان الأمر فى إزالة خط بارليف.. لم يعد هناك تطويع للتكنولوجيا لنأخذ منها ما هو مناسب.. أصبحت التكنولوجيا الحديثة مستوردة للتزين والمباهاة.. وأصبحت أساليب الغرب فى استنزاف الدول النامية متعددة.. بل ومتشابكة والعولمة كانت أحد فنون الغرب لكبح جماح الدول النامية..

 

لابد من استرجاع جدية الإنسان المصري.. فكيف نقنن الهدف ونجعله أكثر وضوحا لشعب مطحون فى مشكلات وأعباء الحياة اليومية.. ثم كيف نقنعه بالالتفاف حول الهدف بصورة تدخله طوعا فى بوتقة الالتحام الشعبى.. كيف نعيد إليه القيم والمبادئ التى بها تفوق.. كيف نعيده إلى دائرة التحدى وقبوله.. كيف نزرع قيمة حب العمل فى نفوس أبنائنا.. إننى أشعر بالخجل عندما أسمع عن بعض الشباب رافضين للعمل لأن مصروفه أكبر مما قد يتقاضاه! وأقول لهم لقد حرمت نفسك من متعة العمل حتى وإن كانت بأجر قليل.. ولو أنك خضت تجربة العمل لعرفت لماذا يقولون إن العمل عبادة.. لقد حرمت نفسك من أن يكون أمامك تحدٍ تقهره.. نريد أن نفتح أبواب التطوع للعمل الخيرى للشباب وبدون أن يُطلب من الشباب، فيجب أن يكون هناك تقدير لمثل هؤلاء فى القبول للتعليم أو التدريب.. ويكفى أن أشير إلى أن الشاب الذى يؤدى عملا تطوعيا يعلو عمن سبقه فى المجموع ولم يقدم شيئا.. وعلى سبيل المثال فإن القبول فى كلية الطب فى أمريكا مقرون بالعمل التطوعى مهما علت الدرجات فى المواد الدراسية.. يجب أن نؤكد على دور الروحانيات فى بناء الإنسان وغرس قيم العمل فيه.. الحكومة عليها دور لكنها لا تستطيع أن تعمل كل شيء.. الحكومة مثقلة بالهموم اليومية للشعب مع هوة واتساع وتشعب الثغرات.. الأمل فى الجامعات والمؤسسات الأهلية والمجتمع المدنى لزرع مبادرات جديدة، وأيضا لعمل دراسات وورش عمل إنماءً لقيم الجيل القادم.. أمل مصر.

 

أضف الى ذلك الحاجة إلى تنمية البحث العلمى الموجه نحو سبل تنمية مصر.. لا نريد بحثا علميا للذهاب للقمر أو لتفتيت الذرّة ولكن نريد أن ننمى وبصفة عاجلة البحث العلمى التطبيقى الذى يأتى بثمار سريعة مثلما كان فى اقتحام خط بارليف باستخدام قوة دفع المياه.. أين العقل المصرى لتقليل الإهدار فى الحكومة والكهرباء والمياه؟ لم لا نسمع عن اختراع مثلا لتقليل تكلفة الكهرباء؟ أين العقل المصرى ليكتشف طرقًا غير مكلفة للصرف الصحى فى القرى؟ أصبحنا أسرى مقولة الأسعار العالمية، وكذب هذا المنطق، فمصر لا تدفع لليد العاملة بالأسعار العالمية، وما يقدم فيها لا يمت للأسعار العالمية.. نحن فى حاجة الى تقليل استهلاك الطاقة.. يجب أن تخصص الجوائز مشجعة للباحثين فى هذا المجال.. هذه أمثلة أتركها للمتخصصين لوضع المزيد والأولويات لانطلاقة جديدة.

 

غياب روح أكتوبر يتمثل فى غياب التخطيط وغياب التنمية البشرية. نريد أن نسمع عن تخطيط متكامل للتعليم.. لا نريد أن نسمع ما يقوله كل مسئول فى وزارة التعليم عن تطوير الثانوية العامة بزيادة أو نقصان السنوات، أو بتغيير غير مهضوم فى المناهج الدراسية.. أمور إجرائية لم تقدم الجديد لتغيير الصورة الكئيبة عن التعليم فى مصر.. يجب أن تكون هناك ورش عمل لتطوير التعليم ومع كل احترامى ليس تحت قيادة الحكومة، لنخرج من دائرة الحرج بأن المسئول يعرف كل شيء ودائما سيادته على حق..  نحن فى حاجة إلى مشاركة خبراء التعليم فى الداخل والخارج من المصريين والجامعات المصرية والأجنبية.. نحن فى حاجة إلى ربط بعض المؤسسات التعليمية الخارجية بمصر.. مؤسسة التعليم بجامعة كارنجى استطاعت أن تنهض بل كانت وراء تفوق بعض قطاعات التعليم بالبرازيل وهى تجربة لافتة للنظر لاسيما أنها تمت بناء عن طلب دولة البرازيل، ويجب أيضا أن نفتح الأبواب للمشاركين الذين يقبلون العمل معنا بإمكانياتنا المتواضعة.. كما وأن التنمية البشرية أصبحت القاسم المشترك الأعظم فى كل مؤسسة وكل موقع.. وقد آن الأوان إلى أخذ هذا المفهوم بجدية ليدخل حيز التنفيذ من خلال برامج الاعداد والتأهيل الملائمة كما وسبق الحديث عن ذلك.

 

ومن روح أكتوبر أيضا يجب أن نعلو فوق كل الخلافات.. خلافات الرأى لا تجعلنا نحيد عن المضمون وهو تحقيق التنمية والرفعة للوطن، ولذلك يجب على الدولة أن تتبنى كل السبل التى تساهم فى وحدة هذا الشعب وتماسكه.. الدولة لديها الكثير والكثير من الإمكانيات القادرة على تقريب المفاهيم والقبول بأن وجود حد أدنى من الخلاف هو ظاهرة صحية لا ينبغى أن تؤثر فى مسيرة البناء فمساحة الاتفاق أكبر وأعمق لأبناء الوطن الواحد.. ومن هنا يبرز الدور الاستراتيجى للدولة فى الحرص على إشراك الشباب فى مسيرة التنمية والبناء.

 

روح أكتوبر وما خلقته من مقومات تجيء قادرة على خلق حياة جديدة لهذا الشعب، ويحدونا الأمل أننا سنبلغ الطريق لعودة الروح مرة أخرى فأول الطريق أن نعمل سويا على استحضار هذه المقومات واستعادة بنائها والتكاتف فى تنميتها وإزالة المعوقات أمامها وعندئذ سندرك أن أول الطريق خطوة تليها للأمام كل الخطوات بإذن الله.

 

[email protected]