التخطي إلى المحتوى

يتسلل شعور اليأس والاحباط لدى الكاتب تجاه تلك الكلمات التى يظل يرسم حروفها فى مخيلته كى تصل بكل سلاسة وبساطة إلى القارئ الذى غالبا ما يكون أقرب للكاتب من نفسه فى بعض الأحيان دونما لقاء يجمع بهما ؛ حينما لا يجد صدى فى تلك الأوساط التى طالما يخاطبها الكاتب بين السطور ومن أمامها وخلفها أيضا .

فليست كل تلك المعاناة لكى يذهب هذا الحديث هباءً وهذا عادة وعبادة لتلك الحكومات والشعوب التى تأخذ من حكامها أصناما من العجوة بما تحمله الكلمة من معنى وهنا تأخذنا الغلبة مرة أخرى لممارسة تلك الهواية ومعاودة الكتابة مرة أخرى لعل أحداً يقرأ ذات يوم لأنها تبقى سراً هاما وشراعاً لسفينة التعلم ومن ثم التقدم ولعل الدليل القاطع أن الديانات كافة سماوية أو وضعية سواء أمرت بالقراءة والتفهم والتعقل لا السمع والطاعة .

عاد الكاتب ولعله يعود القارئ فكلما تزايد القراء- طرديا هى العلاقة – إزداد عدد الكتاب ؛ وهنا تأتى المعادلة كيف ينجذب القارئ وتمعن فيما يقرأ إلا لحسن الخط والتنظيم والبلاغة وقصر الكلام والسلاسة فهل نجذبه أم أبت أوضاعنا وأحوالنا دون إتمام التفاعل .

عزيزى القارئ ….
أما بعد ..
مصر التى فى خاطرى وفى دمى ليست انجلترا التى صوتت لصالح الخروج من الاتحاد الاوروبى فنتيجة التصويت احترمها كلا الفريقين رغم مساوءها للرافض ومحاسنها للموافق وعلى المتضرر البحث عن راحته بعيدا عن الضرر له او عليه او لدولته او عليها ؛ وليس رئيس وزرائها المستقيل بكل ارياحية كأحدٍ من رؤساء وزرائنا فنحن خارج تلك القاعدة فلا تبالى .
مصر التى فى كتب التاريخ والكتب السماوية ليست بأمريكا صاحبة المائتى عام ولكنها تحكم العالم وتطعمك وتستمتع بإذلالك ولا بالدب الروسى طالما كنت له ألة تضخ أموالاً وتنفذ أوامر وكلها أموالهم حيث أتت إليك من خلال استمتاعهم بشواطئك وبيئتك وخدمتك أيضا لهم .
مصر فى العلم والعمل – وهى أقدم عاصمة للقراءة والكتابة والزراعة والطب والفلك وشتى مجالات الحياة ويشهد التحنيط وبناء الأهرامات وأثارهم وكتبهم – ليست اليابان الأن لك أن تتخيل .

مصر العدل والازدهار ومقبرة الغزاة ليست أسرائيل التى يحاكم فيها أهم شخصية وهو الحاخام ورئيس وزرائها لمجرد شبة استغلال سلطة وأمور مالية تكاد يكابر عليها أقل مرتشى فى مصر لك أن تتعجب .

شباب مصر خير أجناد الأرض وأشجهعم وأكثرهم دهاء وذكاء ليسوا وزراء كما بالسويد والامارات بل أغلبهم قابعين تحت مذلة وخدمة الدين لدى رجال الأعمال وتحت مظلة المخدرات بكافة أنواعها برعاية الدولة – شبه دولة على لسان رئيسها – وتحت أمرة رجال السجون ومن يهرب يوفر ملايين الدولارات من جيوب الأغنياء لتذهب للفقراء لك أن تفهم السبب .

لن تكفينا الصفحات لعقد المقارنات بين مصر التى فى خاطرى وخاطر كل شعوب العالم القارئ منهم فقط وبين مصر الأن أين تقبع بين الأمم .

الإجابة هى شاذ القاعدة بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف ولكن لنذهب لنتيجة التفاعل الخاطئ بين النخبة الحاكمة والمسيطرة على مقاليد الحكم بمصر حتى نأتى بتأكيد النتيجة السابقة بكلمات بسيطة لخصها الكاتب والمؤرخ الكبير جمال حمدان فى كتابه شخصية مصر ” “واحد من أخطر عيوب مصر هى أنها تسمح للرجل العادى المتوسط، بل للرجل الصغير بأكثر مما ينبغى وتفسح له مكانا أكبر مما يستحق، الأمر الذى يؤدى إلى الركود والتخلف وأحيانا العجز والفشل والإحباط.. ففى حين يتسع صدر مصر برحابة للرجل الصغير إلى القمىء فإنها على العكس تضيق أشدَّ الضيق بالرجل الممتاز.. فشرط النجاح والبقاء فى مصر أن تكون اتّباعيًّا لا ابتداعيًّا، تابعًا لا رائدًا، محافظًا لا ثوريًّا، تقليديًّا لا مخالفًا، ومواليًا لا معارضًا.. وهكذا بينما تتكاثر الأقزام على رأسها ويقفزون على كتفها تتعثر أقدامها فى العمالقة وقد تطؤهم وطئًا”وهكذا لخص الالجغرافى العظيم أسباب فشل التفاعل ولماذا مصر الأن شواذ القاعدة .