التخطي إلى المحتوى

المنوفية: سالم أحمد سالم

سادت حالة من الفرح والترحاب أرجاء الشارع المنوفي عند سماع خبر تعيين هشام عبد الباسط يونس الذي يبلغ من العمر 44 عام، والذي شغل منصب رئيس مدينة السادات (مركز الصناعات الثقيلة والهامة) 8 سنوات، محافظاً للمنوفية “دولة الحكام ومهبط الرؤساء”، وبدأت البشائر تظهر بعد جولاته المفاجئة وظهوره للمسؤولين ليلاً؛ فاستطاع بكل براعة أن يلبس ثوب “الخفاش المخيف” مرعب المخالفين والمختلسين، بعد ضبط العديد من قضايا الفساد، فلفت انتباه الجميع له، وظل يشكل خطورة كبيرة طيلة 515 يوم -أي منذ توليه المنصب.

واعتاد رواد موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، أن يستيقظوا علي ضجيج المحافظ وقراراته الرادعة التي يتخذها حيال المقصرين؛ من إيقاف عن العمل، وإحالة للنيابة، ولكن سرعان ما قلبت نحوه الرياح بعواصفها الترابية عندما تراجع عن بعض القرارات قائلاً: قرارات غير مدروسة، فلماذا أخذتها ؟..تلى ذلك فضيحة الدكتوراة ومحاولات إرضاء جموع الصحفيين، والتودد للجهات الرقابية حتي ينال دعمهم، فاختلفت عليه القوي السياسية بالمحافظة وبعض قيادات الصف الأول والثاني وبعض أعضاء مجلس النواب وتنبؤوا بخبر إقالته، ولكنه استطاع أن يُثبت مدي قدرته علي احتواء الأزمات والإدارة الحكيمة؛ فقام بعدد 134 جولة ميدانية مفاجئة أسفرت عن مجازاة 284 مقصر، وصرف مكافآت وخطابات شكر لأعداد كثيرة وذلك لإجادتهم العمل، واستبعاد آخرين، فمكث في منصبه.

وكانت بداية “عبد الباسط” مع قطاع الصحة الأهم بالنسبة للمواطن؛ ففعل المرحلة الثانية من علاج غير القادرين، واستكمل التجهيزات الطبية بجميع مستشفيات المحافظة وزودها بخطوط مياه وصرف خاصة، وافتتح أقسام جديدة، وتم شراء أدوية توزيع بالمجان بمبلغ 6 مليون جنيه، وعلاج مرضي الفيروس الكبدي بمستشفي حميات شبين الكوم، ومن ثم افتتح مصنع “فارميد” لإنتاج السوفالدي المصري لعلاج مرضي فيرس C باستثمارات تقدر بـ 250 مليون جنيه، والانتهاء من تشغيل مدرسة التمريض الثانوية، وتشغيل عيادات الكشف المبكر لأمراض الكلي بمدينة السادات، واتجه إلي تطوير مستشفي منوف العام وبركة السبع؛ بتوقيع بروتوكول تعاون بين وزراة الصحة والقوات المسلحة، بجانب إنشاء عناية مركزة للغسيل الكلوي بمستشفيات (الباجور-أشمون-قويسنا-سرس الليان)، وتوفير 4 سيارات إسعاف: بوحدة ميت برة بقويسنا، ووحدتي كمشيش، وبابل بتلا، ووحدة تتا، والانتهاء من تجهيز وحدات طب الأسرة بـ(سنتريس، وكفر الفرعونية، وشمياطس) بأشمون.

وعن التعليم المسؤول عن تحضر الأمم ورقيها كان له نصيب من اهتمامات المحافظ ، فانتهي من تجهيز 29 مدرسة؛ ما بين إنشاء وإحلال كلي وجزئي وتوسعة بتكلفة 59 مليون جنيه بمختلف قري المحافظة، وجاري إنشاء 25 مدرسة جديدة بتكلفة 102 مليون جنيه نظراً لقلة المدارس والشكاوي المتعددة من قبل الأهالي، كما تم الانتهاء من صيانة 521 مبني مدرسي وجاري صيانة 601، وكذلك تم تدريب 6000 معلم علي برامج تدريبية جديدة لسهولة التعامل مع الطلاب والنهوض بنسبة التعليم.

وإيماناً منه بحق المواطن في الحصول علي كوب ماء نظيف خالي من الشوائب والطحالب الموجودة بمياه شرب المنايفة، الأمر الذي لم يتفهمه رئيس الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي بالمنوفية، والعاملون بها فشعارهم “المياه مطابقة للمواصفات ومن لديه مشكلة يقدم شكوى ومعامل الشركة ستفحصها”، وبعد تأكيد المعامل عدم صلاحية المياه للاستهلاك الآدمي، تكون “المسكنات والوعود المزيفة” هما الحلول الموجودة …و ما لا يمكن نكرانه صرف “عبد الباسط” مبالغ هائلة علي محطة مياه بركة السبع وخطوط المياه الخاصة بها، ومحطة الشهداء وخزان مياه لقرية دراجيل التابعة لها، وتنفيذ 3 محطات إزالة حديد ومنجنيز بقري بخاتي ومنشية النور وشنشور، ومحطة مياه بتلا، وعدد 2 خط طرد بشبين الكوم، وآخر لسرس الليان والباجور، وتوسيع مداخل ومصافي مدينة قويسنا، والانتهاء من تنفيذ خط الانحدار بقطر 9 مم بمدينة السادات.
أما بالنسبة للصرف الصحي؛ فقد تم إنشاء 14 محطة حظيت بهم قرى: شبين الكوم، ومنوف، وتلا، وأشمون، والباجور، وكذلك الانتهاء من مشروع الصرف الصحي والصناعي لمنطقة قويسنا الصناعية، والتوسعات بمحطة معالجة شبين الكوم وقويسنا، حتى وصل إجمالي المبالغ إلي مليار و850 مليون جنيه.

وشهدت قطاعات: الإسكان، والشباب والرياضة، والطرق، وتحسين البيئة حالة ازدهار، بينما اختفت في قطاع الزراعة؛ فقد بلغ إجمالي عدد حالات التعدي علي الأراضي الزراعية منذ ثورة يناير (155493) حالة، تم إزالة (4925) أي بنسبة 30%، ووصف البعض ذلك بالتهاون والضعف، كما استطاع توفير (1100) فرصة عمل من خلال مكتب تشغيل الشباب التابع للمحافظة، وتنظيم ملتقي توظيف بمشاركة 50 شركة من شركات القطاع الخاص.

ثم اتجه إلي “مكافحة الفساد العلنيي”، وبالتنسيق مع الرقابة الإدارية؛ أحال 227 قضية فساد إلي النيابات المختصة، وتجاوزت المبالغ المهدرة 377 مليون جنيه بخلاف الفوائد البنكية لبعض المبالغ، إلا أن بعضهم انتهي بالحفظ أو البراءة، والبعض الآخر إيقاف عن العمل وإقصاء من المناصب وإحالة للمحاكم التأديبية، ومن باب إرجاع الفضل لأصحابه فعبد الباسط له الفضل في استعادة 50 فدان بمدينة السادات، يقدر سعر الفدان الواحد 8 مليون جنيه كانت المحافظة قد أبرمت بروتوكول لإحدى المؤسسات الصحفية بالاشتراك مع جانب من المستثمرين الأجانب، وأيضاً استعادة 71 ألف فدان ملك للدولة؛ تقدر قيمتهم 142 مليار جنيه، كان البدو وذوي السلطة استولوا عليهم إبان ثورة 25 يناير.
وبتسليط الضوء علي المشروعات التي لابد من تدشينها لرفع ميزانية المحافظة لم نجد شئ، فالمحافظ الحالي يتجه للخدمات دون النظر إلي الأرباح، فهو لا يريد المنوفية “استثمارية” بخلاف المحافظ السابق ..في بادئ الأمر استغل سلطاته للصالح الشخصي، وعمل “عبدالباسط” جاهداً علي ندب جميع موظفين الديوان للمشروعات التي تخص المحافظة، والتي ينتهي العمل بها الساعة الثالثة نفس موعد انتهاء عملهم الأصلي ؛ أي أنهم يتقاضوا رواتب شهرية دون تقديم خدمات وذلك لإرضائهم وكسب ودهم، لدرجة أن الموظف منتدب لأكثر من مشروع، ثم اتجه إلي التودد للجهات الرقابية والسيادية والقوات المسلحة ورفع شعار “هتاخدوا من غير ما تطلبوا”، فأسند إلي الجيش قرية فينيسيا السياحية لكي يستفيدوا منها، وكذلك أرض المحلج التي تقدر بمليارات الجنيهات، وقطع أراضي في مناطق حيوية لإنشاء مشاريع تعود بالنفع لهم وليس للمواطن المنوفي لأسباب مبهمة وغير معلومة.

وعلي الرغم من مواجهته للفساد بمختلف أنواعه إلا أنه مُتهم بإهدار المال العام؛ وذلك عندما جمد العمل بالمول التجاري القائم بمدينة شبين الكوم، والذي وصلت تكلفته حتى الآن 55 مليون جنيه، لا نعلم أهو يريد إخفاء مشاريع المحافظ السابق حتى لو كانت تتجه للصالح العام أم له تفكير آخر، ولإرضاء الصحفيين ترك لهم “الجمل بما حمل”؛ فمن المتعارف عليه أن الجريدة التي تتبع المحافظة هو من يحظي بمنصب رئيس مجلس الإدارة، ولكنه تخلي عن منصبه وقد بلغت الخسائر نحو 250 ألف جنيه خلال العام المالي 2015/2016، بعد تعيين مجموعة من الصحفيين ومنحهم رواتب لا علاقة لها برواتب صحف الإقليم.

ومن حيث عنصر المفاجأة؛ استطاع “عبد الباسط” القيام بأكبر عدد من الجولات المفاجئة علي كافة القطاعات، اهتم خلالها بدفاتر الحضور والانصراف فقط دون النظر إلي تدني الخدمات ومحاولة التطوير، علي سبيل المثال: جولته بمستشفي الباجور العام حيث أشاد بنظافتها، ولم يلفت انتباهه سوى الحضانات المتوقفة، واكتفي بالاتصال هاتفياً بوكيل وزارة الصحة مطالبأ بكتابة تقرير عن حال المستشفي، ولم يتذكر أن لديه ملف متكامل يحوي بداخله علي بهاريز الفساد المالي والإداري وقرارات العلاج علي نفقة الدولة التي تُمنح لذوي الدكاترة والموظفين ليتربحوا منها، والتعاقد مع شركات النظافة والحراسة بأسعار مضاعفة وبدون إجراء أي مناقصات، إلي جانب الإهمال الطبي الجثيم، قُدم له في شهر مارس من العام الماضي إضافة إلي وصول ديون المستشفي قرابة 2 مليون جنيه وهي الآن تعمل علي التبرعات، ناهيك عن إطلاق اسم شهيد الواجب اللواء “إبراهيم عبد المعبود” علي كوبري الباجور المؤدي إلي شبين الكوم “العاصمة”، وعندما قال نجل الشاذلي “لا” تم إزالة الإسم وإلقاء اللافتة علي جانب الطريق.

وعلي الرغم من جولاته بمنطقة قويسنا الصناعية مراراً وتكراراً إلا أن الكارثة بلغت ذروتها؛ فهناك أكثر من مئتي ألف مواطن من سكان المدينة يشتكون من إلقاء أكثر من 100 مصنع مخلفاتهم “عمداً” في الترع و المصارف التي يتم ري الأراضي الزراعية منها، لتنتقل الملوثات بما تحتويه من معادن ثقيلة إلي المحاصيل، مسببة تزايد أعداد الإصابة بالسرطان والفشل الكلوي، ومن هذا المنطلق كانت فكرة إنشاء معهد الكبد القومي بشبين الكوم، لتزايد أعداد المصابين في الفترة الأخيرة.
وإزاء كل ما تقدم من عبد الباسط؛ اتهمه عدد من رواد موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” بأنه يقوم بجولات الغرض منها الشو الإعلامي وليس إصلاح منظومة معينة.